مفارقة ابعاد الموالاة وتقريب المعارضة خطري عبدالله جفجاف
في الأعراف الديمقراطية تكون أحزاب الأغلبية الداعمة للنظام في واجهة المشهد السياسي تتقاسم الرأي والمناصب السياسية بالحكومة حسب الاوزان الانتخابية ومدى تمثيلها في البرلمان والمجالس الجهوبة والمحلية لتتقاسم المسؤولية في تسيير و إنجاح برنامح الحكومة المنضوية تحتها.
اما المعارضة فتكون مرصدا ومراقبا لعمل الحكومة وتتحين الهفوات والاخفاقات في عمل الحكومة لتنتقد وتصوب اخطاءها وتجاوزاتها بلا مجاملة أو مهادنة فهي الند والخصم لها لتتمكن من كشف عوراتها للرأي العام وإظهار فشلها أو قصورها في تسيير الشأن العام وأنها هي الأجدر بأن تحل محلها.
لكن في موريتانيا فالوضع معاكس تماما، فاحزاب الاغلبية الداعمة للرئيس ول الغزواني مغيبة ومهمشة ومبعدة تماما عن المناصب السياسية والتنفيذية ، فنجد اكبر حزب موالي داعم للرئيس ، حزب الاتحاد من أجل الديمقراطية والتقدم UDP الممثل في البرلمان ب10 نواب و،26 عمدة و500 مستشارا بلديا .
فكان حزب UDP برئاسة السيدة الناها حمدي مكناس من أكبر وأهم داعمي الرئيس ول الغزواني ، فكان من المناسب ادخال الحزب في الحكومة وتثمين نضالاته السياسية الداعمة للرئيس واعطاءه حجمه الطبيعي في العملية السياسية بمنحه مسؤولية عدة وزارات وادارات عمومية، بدل اقصاءه وابعاده عن المشهد نهائيا، مما سبب إحباطا وخيبة أمل كبيرة في اوساط مناضلي الحزب وقواعده باحساسهم بالغبن وعدم الإنصاف لحزبهم أكبر الاحزاب الداعمة للرئيس ول الغزواني وأكثرها تمثيلا في البرلمان و البلديات …رغم منحه بعض الوزارات لاحزاب الأغلبية الأقل وزنا وتمثيلا في البرلمان .
اما المعارضة التي كان من المفترض أن تقوم بدور الناقد والمراقب لكشف اي اخفاقات أو قصور للنظام في تسيير مرافق الدولة كند طبيعي لها ، فبدلا من ذلك فقد ارتمت معظم الكيانات المعارضة تقليديا في أحضان النظام بالترغيب و”ادهين اللحيه” وتلاشى وجودها كجسم معارض حقيقي ، فصارت حظوة المعارضين أكبر من الداعمين في مفارقة غريبة في النظام الديمقراطي الموريتاني الراهن ، رغم بروز نتوءات معارضة تسعى لملء هذا الفراغ.
فرغم تبادل الأدوار بين المولاة والمعارضة، مازال كل منهما يحافظ على اسمه الوهمي أو المستعار داخل اللعبة السياسية، فعلى الموالاة أن تأخذ لقب المعارضة والمعارضة تصبح موالاة ويزيلو حاجز الحرج والخجل بتغيير اسماءهم القديمة تماشيا مع الواقع.
الإعلامي خطري عبدالله جفجاف