الشباب ….. واقع مؤلم .

الشباب هو عماد الأمة وسر نهضتها وقوتها ، والشباب مصدر من شب أي احترق فهو الطاقة التي تحترق كماتحترق الشمعة لتنير للرائي دجى الليل المظلم، هكذا درسنا ، وهكذا آمنا ، ولهذا عشنا ، وبه حلمنا ، فرأيناه حلما ممكنا ، وطموحا مشروعا ، رغم ماكان الواقع يحمله من مآسي ، بل كنا أمام كل المصاعب نردد غدا سيكون أفضل .
هذه هي الحقيقة التي كان يسوقنا حداؤها ونحن نشعر بلذة لانظير لها ، واليوم أفقنا من الحلم وكان قطار الزمن يمر مسرعا، لكن كل شيئ من حولنا كان جامدا لايتحرك فسألنا أنفسنا أيعقل هذا ؟
نفس النظرة النمطية إلى الشاب ؛ نفس المشاكل ؛ ونفس الوجوه التي كانت تعدنا بمستقبل أفضل مع تبدل قليل، ورسومات حفرتها يد الزمن لم تستطع أن تغير الملامح .
إنها نفس الوجوه ، ونفس الأسماء ، ولكن بصفات متغيرة ؛ والأدهى والأمر أن الشعار دوما شعار الشباب ، وبالشباب وللشباب ، والشباب دمى تحركها المطامع .
هذه حقيقة مرة أن تنتظر….. وتنتظر … ولايقلك القطار إلى المحطة القادمة ، ليس لشيئ ، سوى أنك لاتمتلك بطاقة عبور .
الشباب تغزوه أحلامه ، ويجتاحه يأس مدمر، فكل مرحلة يتجدد فيها الأمل تتمخض عن ألم عميق ، حتى أنه بات تجدد الأمل ألم في حد ذاته ، ومع ذلك فالقدر يحرك القطار إلى المحطة القادمة ، وكأن السكون خلق ليغلف حركته ، فيكون وصولنا للمحطة الثانية مفاجأة مفزعة ، نقف أمامها وقفة صمت ليتحدث الشيب بلسان الحال قائلا : إنها بداية النهاية .
الشباب يريد الدراسة و ليعمل ؛ ليؤسس أسرة ؛ وأخيرا ليكون صاحب تاريخ مشرف ، يحكيه للأحفاد ليتمثلوه قيما تكون لهم نبراسا وموجها ، لم يكن طموح شاب أن يتسرب لولا الفقر والحاجة ، وانعدام الرقابة والمتابعة ، لم يختر شاب يوما طريق الجنوح إلا حين أرغمته الغريزة وثارت الطاقة الكامنة بين جوانحه بعدما عز الناصح ، وغاب الموجه ، وانعدم الصديق الصالح .
ليس هناك شاب اختار بإرادته البطالة ؛ وليس هناك شاب ولد وقد قرر أن يفارق الأهل والأحبة ، ويقطع الفيافي ، ويخوض غمار البحار ليحصل على كرامته ولقمة عيشه إلا حين انعدم ذلك في موطنه .
ليس هناك شاب إلا وتسكن بين ثنايا روحه تلك الأميرة النائمة التي تمنى بعقله البسيط المقبل على الحياة أن تكون من نصيبه رغم الفقر والفاقة ؛ رغم العادات البائسة، والتقاليد البائدة ؛ لكنه حين واجه الحقيقة ، حقيقة واقعه ، وحقيقة مجتمعه ، وجد أن كل ذلك يحتاج طريقا آخر، فكان أمام خيارات أحلاها مر، الصبر لمالا يطيق ، أو الهجرة ، أو الجنوح للجريمة ، أو تسلمه أفكاره البريئة للجنون .
أما والحالة هذه ، والشباب ثلة من المؤمنين في جهنم ، يعيش واقعا لايملك له دفعا فإن غصة الإنتظار مميتة .
استبشرنا جميعا في بداية هذه المرحلة بتبني رئيس الجمهورية لشعار تمكين الشباب ، ورأينا فيه الأمل المتجدد الذي لانتمنى أن يسلمنا إلى الألم المستمر، وزاد أملنا أنه منح الحقيبة لشاب يفترض به أن يكون ربانا أمينا لسفينة الخلاص من الواقع المزري ، لكننا لازلنا نجلس على أرصفة الإنتظار ، وننتظر أن نتجاوز المراحل التقليدية : (التكوينات – الورشات – التمويلات على استحياء ) ، ولانتمنى أن يكون قطار الزمن أسرع من أداء وزارة يفترض بها أن تكون لها من الحيوية مايناسب المتهدفين ، وسنظل ننتظر حتى يتحقق الأمل ، أو نصل للمحطة الموالية ، ونستمع إلى خطاب الشيب ، لنحكي لأبنائنا أننا مجرد حلقة في مسلسل طويل عنوانه الشباب أمل وألم .
سيدي الرئيس …..
سيدي الوزير …….
القطار يسرع ….
القطار يسرع ……
والمحطة الموالية قريبة ، وآن لظلام هذا الليل أن ينجلي ، فالشباب يحتاج الحركة بطاقة أكبر ، وفي مجالات اهتمامه التي تلبي طموحاته وتطلعاته .

يتواصل….
بقلم : سيدمحمد يعقوب .
بتاريخ 3/11/24.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى