علاقاتنا في ظل مواقع التواصل

مواقع التواصل عالم افتراضي بات الجميع يسكنه وأصبح من اللازم الحديث عنه بأسلوب مختلف يشخص الواقع ويؤسس لمستقبل آمن .
إن علاقاتنا روابط مختلفة المضامين إدارتها في الواقع صعبة لمالها من تحديات ومافيها من معضلات تتعدد بحسب نوع هذه العلاقات فكيف إذا كانت هذه العلاقات افتراضيا وتخضع لقوانين مختلفة بل ولها خصوصيتها التي ينبغي أن تكون وجهة الكتاب الإجتماعيين حتى لا نصل لطريق قدتكون العودة منه صعبة .
سيكون الحديث بكل صراحة وسنتحدث من زوايا مختلفة بحسب تلك الروابط والعلاقات التي تمتاز بخصائص أولها :
– الإفتراضية بدل الواقعية : وهي خاصية تعني في مضمونها أن هذه العلاقات هي علاقات وإن كانت موجودة إلا أنها لاتشغل حيزا واقعيا بل مكانها هو الحيز الوجداني والشعوري وهذا يجعلنا نتعامل معها بحذر حتى تتجسد وقعيا ولكي تنتقل من الحيز الإفتراضي إلى الحيز الواقعي لابد من اتصافها بالصراحة والصدق والتركيز على المشترك والبحث في مواطن الإختلاف والإبتعاد عن المجاملة .
– الذاتية بدل الجمعوية : فهذه العلاقات تنشأ بقرار ذاتي ونظرا لقناعة فردية فالذي يسمح بوجود هذه العلاقات سواء بأفراد أو بجماعات هو شخص يقرر انطلاقا من حاجته الذاتية وقناعته الفردية الدخول في هذه العلاقة وحين نتحدث هنا عن علاقة فردية فنحن نعني بذلك (الصداقة والحب وغيرها ) أما العلاقات الجماعية فهي الإنتساب لكيانات تضم مجموعة بشرية تؤمن بفكرة أو أفكار تجمعها وتوحد أفرادها في إطار تنظيمي (مجموعات ومنابر وغيرها ) . فانتساب الفرد ودخوله في مثل هذه العلاقات هو قرار فردي مما يحتم وعي الإنسان بالقرار الفردي وما يجب إزاءه من تحمل للمسؤولية واحترام لحريات وخصوصيات الأفراد.
– اختفاء الحيز المكاني والزماني بحيث يعيش الإنسان في جميع الأمكنة وفي كل الأوقات فالمواطن في بلد تربطه العلاقة عبر مواقع التواصل بغيره الذي يعيش في مكان مختلف بكل معنى الكلمة (اختلاف الثقافة والعادات والتقاليد والدين حتى ) وهو اختلاف ينبغي أن يحسب له ألف حساب ويؤثر في مستقبل هذه العلاقات . أما الإختلاف الزماني فهو اختلاف له تبعات ليس أقلها تدمير الساعة البيولوجية للإنسان وانتهاك الخصوصيات بدون قصد فالذي يتحدث إلى شخص في موطن مختلف يحادثه في وقت مختلف ولذلك تأثيره البليغ على أنماط حياتنا العادية .
– التعويض وهي خاصية تعني أن الإنسان الذي يدخل في هذه العلاقات قد يجد فيها مايعوضه عن علاقات واقعية بل تكون هذه العلاقات الإفتراضية أكثر صدقا وتأثيرا في نفسه من علاقاته الواقعية كعلاقات الصداقة والحب وغيرها فيكون التعويض هنا مشروعا لكن هو تعويض محكوم بالمصاعب الإفتراضية التي يمكن أن تهدم ذلك الحلم الجميل وتخلف في النفوس صدمة ليس الكل مؤهل لامتصاص رداتها وهذا يحدث في مجالات شتى اقتصادية واجتماعية وغيرها خاصة في شيوع التحايل والخداع والكذب والغش في مثل هذه العلاقات والتي يمنع الواقع الإفتراضي من مواجهتها رغم المحاولات القانونية المبذولة .
هذه بعض خصائص مثل هذه العلاقات وسنتعرض لتأثيرها على حياتنا فلم تعد منازلنا تقتصر على سكانها ممايستدعي توعية وتحسيسا حول هذه العلاقات وإرشادا حول إدارتها بشكل سليم لتكون علاقات واقعية وتنتقل من حالتها الإفتراضية إلى حالتها الواقعية ونستفيد منها بدل أن نتضرر فهي كالوسيلة التي استوحيناها منها (الهاتف) فهو سلاح ذو حدين وهذه العلاقات هي حياة ذات بعدين وأحيانا تكون مصدر سعادتنا بل ونريدها أكثر من علاقاتنا الواقعية ولكن بحذر وتوجيه سنحقق من خلال حياتنا الإفتراضية حياة أقرب إلى الواقعية .
سنعود للموضوع في مقال قادم فهو مجال خصب يحتاج الكثير من الإهتمام .
يتواصل ….
بقلم : سيدمحمد يعقوب .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى