تمكين الشباب بين التنظير والواقعية .
رفعت الدولة شعارا كان محط آمال الشباب، بل ونقطة ألتقاء بين الأمل المغلف باليأس في صفوف هذه الشريحة التي تتقاذفها الأشرعة ، والإرادة الصادقة التي جسدها تصريح رئيس الجمهورية في أكثر مناسبة ، وإن غلفتها الضبابية واحتواها التنظير واستبد بها الأسلوب الإنشائي في أغلب المناسبات ، هذا التمكين الذي تحمله الأماني ، و تزفه الحاجة والضرورة لم يسلم من حقيقة مؤلمة وهي حقيقة الإرتجال التي تسود بقصد أو غير قصد جميع مشاريع الدولة الطموحة التي تقدم بها فخامة رئيس الجمهورية، وذلك لسبب لايختلف عليه اثنان وهو (أشياخت العور في بلد العميان ) ، أي تكليف من لايملك القدرة على التطبيق ، وتحكم من يقتبس الأفكار، لامن يؤمن بها من موظفي الطابور .
لقد عشنا التمكين حلما جميلا يتيه النائم خلف سرابه ، ذلك السراب الذي يتراءى للناظر في الأفق البعيد كلما ، دنا منه لم يجده شيئا .
كان التمكين مجرد ورشات ، وندوات ، ولقاءات ، كان حظ المنكب البرزخي منه ماحظي به حنين من خفيه ، فلا أثر لذلك التمكين في أحياء ماوراء مدريد وهي الأحياء التي تعج بالفقر والفاقة وتهيم بها قطعان شباب أسلمها القدر للجريمة والجهل ، فيومها تسكع ، وليلها حرابة ، وحالها إدمان ، وحلمها مطاردة كرة منفوخة في ساحات بين الأزقة تنتهي في الغالب الأعم بشجار مع المارة ينبؤك عن سقوط أخلاقي مدوي في بلد عرف الإلتزام يوما .
لقد كان التمكين وعدا من فخامة رئيس الجمهورية ، تجسد في إنشاء وزارة معنية بذلك التمكين ، لاكنها لم تبرح دائرة التنظير لسبب بسيط هو أنها لاتصلح إلا لذلك ، فلم تسلك مسالك التمكين ، ولم تدر كيف تخوض غمار دروبه الوعرة في العاصمة أحرى أن يصل ذلك التمكين إلى ولاياتنا الداخلية التي باتت خاوية على عروشها من الشباب ومن الشيوخ تحت وطأة الفاقة والحاجة ، وكأن هذه الأرقام الفلكية التي نسمع عنها يوميا هي أرقام كتبت بأنامل أمي على صفحة الهواء ليقرأها العميان ، فلا الكاتب أجاد الخط، ولا الهواء احتفظ برسمه ، ولا الأعمى انتفع بما كتب ، هكذا هي سياسة التمكين ، وهذا واقعه ، تخبط وإنفاق في غير محله ، وعجز عن ملامسة الواقع ، وتركيز على غير المستهدف، وصناعة للحدث الإعلامي سيئ الإخراج رديئ التغطية .
ليس التمكين مجرد وعد من صاحب الفخامة ، بل هو حلم المسحوقين من أبناء هذا الشعب ، حلم لا يحتمل التلاعب ، و لا ينبغي أن يخضع لسياسة دشن الوزير، وخرج الوزير، وجاء الوزير ، وافتتح الوزير ورشة كذا ….. إنه حلم مقدس ، وطموح مشروع ، وحق لايقبل العبث .
لقد عقدت عشرات اللقاءات مع الشباب لكن أي نوع من الشباب ؟
إنها لقاءات مع المؤثرين سلبا في ثقافة المجتمع ، وأخلاقه وعاداته ، وتقاليده ، وعقدت لقاءات مع الشباب الذي تمت تزكيته على معايير اللحلحة والولاء للوجهاء والعمد وغيرهم ، عقدت لقاءات مع النخبة المزيفة ، ومع باعة القضية، وتجار مآسي هذه الفئة ، في حين تم إقصاء الشباب الكادح ليس لشيئ سوى أنه يقول (لا ) في زمن تعود الجميع أن يقول (نعم) ، لأنه شباب يرفض المزايدات على واقع مؤلم ومأساوي هو أول من يكتوي بناره .
السيد رئيس الجمهورية ، إننا في أحزمة الفقر، وأحياء البؤس وأزقة الجريمة المظلمة لم نشعر بهذا التمكين ، فالشباب يعاني ويعاني … ويعاني …. وعلى التمكين السلام إن لم تعيدوا فيه النظر على غرار المدرسة الجمهورية التي أثبت الواقع أنها تعاني انفصاما بين التنظير والحقيقة الواقعية .
سيدي الرئيس لقد حمل برنامجكم لنا الأمل ، وتمسكنا به ، ودعمناه ، لكن هناك أشياء تحتاج إعادة النظر ، ونحن على يقين أنكم تمتلكون من الغيرة على هذا الوطن مايجعلكم تنحازون لشعبكم وتصححون المسار .
سيدي الوزير أخبرتكم في لقاء خاص مع معاليكم أننا استبشرنا خيرا بتعيينكم على هذا القطاع لسبب وجيه ، كما أخبرتكم بالحرف الواحد في نفس اللقاء أن هذا التمكين إن كان بالنسبة لكم هدف، فهو بالنسبة لنا قدر، وعادة القدر أن يتحقق خاصة إن كان حقا ووراء الحق مطالب ، فرجاء صحح مسار التمكين ، وأبدأ بالأهم ، وأنزل من برجك العاجي ، وأعلم أن الشباب بدأ يفقد الأمل .
يتواصل ……..
بقلم سيدمحمد يعقوب
رئيس تيار وطن موحد