المجلس الأعلى للشباب ..قراءة وتحليل . المقال ( 1)

الشباب عماد الأمة وسبب نهضتها والطاقة التي تحركها نحو مستقبل مشرق ولقد اهتمت الحكومات المتعاقبة بالشباب ولكنه اهتمام ظل يدور في فلك الشكلية والارتجالية من النشأة إلى اليوم نظرا لجملة معطيات نعرض لها في حينها بإذن الله وسنخصص هذه السلسلة لنقاش مختلف جوانب الحياة المتعلقة بهذه الفئة بكل تجرد وحياد بإذن الله .
لقد كان إشراك الشباب أصلا أرساه رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم في خطوة قل من يستلهم منها الدروس والعبر لا لشيئ سوى أننا خلفنا ذلك العهد الذهبي ظهريا واستعضنا عنه بأساطير كاذبة فارغة المحتوى آنية الوجود ضعيفة العطاء وكأننا غرقنا في بحر همومنا ومشاكلنا حتى أصبح التعلق بقشة أقصى أمانينا في النجاة .
نعم إنها الحقيقة ؛ محمد صلى الله عليه وسلم هو أول من أشرك الشباب في صناعة أمة أستطاعت أن تجتاح العالم بمبادئها قبل سيوفها وتملك القلوب بأفعالها قبل كل شيئ إنه تاريخ الأساطير وعهد البطولات الذي أوهمونا أن التغني به تخلف والأخذ بغيره تطور وازدهار فوجدوا منا عقولا فارغة وقلوبا خاوية على عروشها فكان لهم ما أرادوا مستعينين علينا ببعض أبناء جلدتنا وبمناهج لاتسمن ولاتغني من جهل بل وتكرس التبعية والإرتماء في أبهى حللها ليكون لسان حالنا ناطقا (لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ) مذبذبين وكأننا خرجنا عن دائرة التأثير وجبنا عن صنع القرار .
لن نستطيع أن نجمل الصفحات الخالدة التي كتبها جيل تربى في مدرسة النبوة ولكن سنحاول أن نختصرذلك في بعض الصور التي تقف العبارات عاجزة أمام استجلاء مضامينها فحين يمنح الرسول الكريم وسام الدعوة بماتقتضيه من شروط لشاب في مقتبل العمر عاش مدللا في مكة فأعلم أن هناك ملحمة عطاء تكتب وسيرة بطل يجب أن تدرس للأجيال ولنا عودة للقصة لكن كان فعلا مصعب أول سفير في الإسلام وهو شاب يافع فأين أشبابنا المدلل اليوم ؟ وأين أفعالهم من أفعال مصعب ؟ أم أنهم ماسمعوا من الأساطير إلا أساطير العالم المادي الذين لايجيدون سوى الركض خلف كرة ملئت بالهواء ..
حين يعقد الرسول اللواء لأسامة في جيش هو أول الجيوش خروجا عن حدود الجزيرة العربية فنحن أمام درس عظيم وملحمة خالدة لاتقبل الإختصار ولاتخضع لقانون الطي نعم إنه تكليف رسمي من خير الخلق للشباب بحمل مشعل هذه الرسالة وقرار رسمي بأن الشباب هم مستقبل هذه الأمة ومنح رسمي للحقوق الأساسية التي ينبغي أن تكون بغية كل شاب وضالة كل فتى إنه الحق في القيام بالواجب وحماية ثغور المسلمين وقهر عدوهم إنه قرار رسمي بتمكين الشباب رغم الرفض الداخلي والتحدي الخارجي إنه التمكين الحقيقي وليس التمكين المزيف الذي تحيط به علامات الإستفهام من كل صوب وحدب ..
وحين يأتي شاب إلى النبي صلى الله الله عليه وسلم فيسأله أن يرخص له في الزنا ويتعجب الجميع بل وتثور ثائرة البعض منهم ويحاول تأديب الفتى يتدخل نبي الرحمة والمعلم الأول والأسطورة الخالدة ليعلن أن من أول حقوق الشباب حق النصح والإرشاد في جو يسوده الحوار البناء وتحكمه ثقافة الإقناع مع احترام حق التعبير و يسود جو يتفهم فيه المربي والحاكم الحاجة وماتمليه الغريزة لكنه يوجهه توجيها لينا بالحكمة والموعظة الحسنة يغلفه الحب والعطف والرحمة بدايته استماع ووسطه نقاش هادف عقلاني وآخره دعوة صالحة تفتح أبواب السعادة وتنزل القلوب منزلة إيمانية لها حلاوة عجيبة بل وتشعر المتلقي أنه في حياة العظماء لامكان للترهات .
إنها قطرة من بحر لاساحل له وسطور من كتاب خالد حروفه كلها ذهب ولو اتسع المقام لعرضنا لمايناسب المقال ولكن لاخيار.
هذه مجرد مقدمة وبإذن الله في مقالاتنا القادمة في نفس المحور سنعرض لكل مايخص الشباب وعنوان المقال ليس سوى آخر ماتوصلت إليه عقول لم تفهم بعد كيف يتم إشراك الشباب لأنهم ببساطة جعلوا ذلك شعارا ونحن نريده قرارا واعيا يأخذ بالحسبان جميع جوانب حياة الشاب الذي هو الأسف اليوم يعيش بين سندان الفقر ومطرقة العجز شباب لاهوية ولا انتماء ولا واقع مرضي ولا مستقبل تلوح تباشيره في الأفق .
أعذروني إن بدوت حزينا متشائما فوجه المحب وجه حزين وقد وصل السيل الزبى وآن لنا أن نكتب عن الحقائق التي يحاول الجميع طمسها علها تصادف آذانا صاغية .
النصر لغزة …..
بقلم : سيدمحمديعقوب
27/10/2024

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى